العـــــــــــــلاج الجمعــــــــــــــي
مجموعات المساندة الذاتية
وهى طريقة أحببت فيها أن أسلك طريقًا جديدًا يعطي الأمل في العلاج وينبذ
اللوم والتقريع والسخرية من هؤلاء الخلق الذين أتوا للعلاج طواعيةً
ويرفضون وصفهم بالشواذ أو المنحرفين، حيث يشعرون أن بداخلهم أفكار قوية
متسلطة تدفعهم لهذا التفكير وهذه الخواطر والتصورات ورغبة قهرية شديدة في
تنفيذها مع إعترافهم التام بمسئوليتهم عنها وذلك تمامًا مثل ما يحدث لمرضى
الوسواس القهري.. ثم في تنفيذهم لهذه الأفعال في السابق كانوا كمن أدمن
على مخدر ما وأصبح صعبًا عليه أن يتعافى ويمتنع عن التعاطي.. هنا سوف
نعتبر الذي يمارس الشذوذ أو الإنحراف الجنسي مريض وسوف نسميه "المتعالج"
وسوف نعالجه من الأفكار الوسواسية المتسلطة المتمثلة في الخواطر والأفكار
والتصورات والتخيلات والأفعال القهرية المتمثلة في النظرات ثم الممارسة
الشاذة ثم نساعده على أن يتعافى من إدمانه.
أحب أن أكرر أن
السلوكيات الشاذة بوجه عام والمثلية الجنسية بوجه خاص تصيب من يمارسها في
جميع جوانب شخصيته، وهنا لا أتكلم عن النتائج أو آثار نوع الإنحراف من فشل
في جوانب حياته وآثاره الجسيمة على الصحة من أمراض جنسية وتناسلية
وانتقالها من طرف إلى طرف، أو مرض الإيدز.. وقد ثبت أنه ينتقل خلال
الممارسات الشاذة، ولكن نحب أن نوضح أن هذه الإنحرافات تجعل من يمارسها
يفكر بطريقة تجعله يشعر دائمًا بالنقص والخوف والوحدة والإنعزال والاكتئاب
بل وأحيانًا يحتقر نفسه.. ويشعر أنه أقل ممن حوله مما يجعله بطريقة غير
واعية يتعامل مع المجتمع حوله بنظرة ريبة وشك بل وأحيانًا بطريقة معادية،
لذا لابد أن نعي حقيقة مهمة جدًا أن المنحرف أو الشاذ أو المثلي إنسان
مريض ولابد أن يفهم هو أيضًا ذلك.
ونتمنى أن يخضع للعلاج قبل أن
نحاكمه أخلاقيًا أو إذا تورط في إعتداء بممارسة إنحرافه مع أحد رغم أنفه،
وهذا ليس كلامًا غريبًا ولكن هذا ما يجب أن يتم ونسعى في إصلاحه للتخلص
منه ولابد أن يفهم هذا الأهل والجهة المسئولة ولابد أن تتوافر الفرصة لكل
منحرف ولابد من إعطائه الفرصة وعندها قد يصبح شخصًا آخر ناجح ملتزم بين
أسرته ومجتمعه..
إن طريقة التفكير الشاذ أو المنحرف تولد مشاعر
سلبية قوية لا يستطيع أن يتعامل معها فيكبتها، وهذه المشاعر لها قوة وطاقة
وتتحول إلى سلوكيات تدفع المنحرف أو الشاذ أن يسلك سلوكيات قهرية متكررة
في صورة الفعل الإنحرافي أو الشاذ والعزلة والاندفاعية والغضب الشديد
وربما الكذب والمراوغة ولكن ليس معنى قهرية أن المنحرف أو الشاذ غير مسئول
عن سلوكياته بل مسئول والمعنى أن ممارسة الشذوذ أو إجبار الآخرين عليه
يجعله يسلك أحيانًا سلوكًا معاديًا للآخرين ولكن لديه البصيرة لطلب العلاج
والتعافي.
وهذه السلوكيات كما قلنا قهرية تجد من يمارسها يندم
على فعلها فهو لا يريد أن يفعلها أو يمارسها فيرى أنه لا أمل له ثم يعتقد
أن المجتمع يرفضه ولا يقبله فيزيد شعوره بالرفض والاختلاف والغربة وعدم
القبول وفقدان احترامه لنفسه وعدم تقديره لذاته مما يدفعه لتكرار نفس هذه
الممارسات في السر بل أحيانًا تتفاقم إلى ممارسات لأنواع أخرى من
الإنحراف، ومع أن هذا السلوك هو الذي أظهر الإنحراف فهو مجرد جانب من
جوانب المرض.. فالمرض موجود حتى قبل البدء في تلك الممارسات، وهنا نجد
كثير من أهل الشواذ من يحمل نفسه عبء أو مسئولية إنحراف ابنه ويرى نفسه هو
السبب ويشعر بالذنب ويلوم أهله، ولكن لو لاحظنا الحياة التي يمر بها الشاذ
ستجد أشياء في شخصيته أبرزها أنه غير اجتماعي، يشعر بالوحدة، لا يندمج
بسهولة مع من حوله، يتهرب من أى مناسبات اجتماعية، وعندما يريد شيئًا تقف
حياته كلها حتى يحقق هذا الشئ، ومعلوم أن أكثر ما يريد هو إنحرافه
وممارسته الشاذة، وهذا ما نسميه بالرغبة الملحة.. والشاذ بداخله قوة أو
رغبة قهرية لا يعرف التعامل معها فتدفعه إلى هذه السلوكيات، إن بداخله
شعور بالإختلاف وهو يبحث دائمًا عن شئ يمنحه الشعور بأن كل شئ على ما
يرام.. ودائمًا ما يشعر أثناء الممارسات الشاذة بأن كل شئ على ما يرام وهو
شعور كاذب، ما أن ينتهي من تلك الممارسات حتى يعود الشعور بالخواء والندم
مرة أخرى وهذا الخواء يدفعه دفعًا إلى تكرار تلك الممارسات..
إن
الشاذ في مرحلة ما قبل طلب العلاج أو قبوله يكون في حالة إنكار تام
لمسئوليته عن ممارسته الشاذة ويرجع كل سلوكياته الخاطئة إلى كونها رد فعل
لرد المجتمع له، فظاهريًا يتعامل بتكبر وعنف وعنجهية ويطالب بحقوقه ولكن
داخليًا، فهو يعاني من الخوف والوحدة وعدم الأمان فيدخل في حلقة مفرغة حيث
يرفض المجتمع والمجتمع يرفضه.
إذا كان هناك من يصف الشاذ بأن
لديه قصور أخلاقي أو قلة تربية أو غياب التدين فهو يحتاج المساعدة مثله
مثل أى مريض لأننا كما ذكرنا بداخله قوة لا يستطيع السيطرة عليها هى التي
تدفعه لممارسة تلك السلوكيات، فهو كما ذكرنا يشعر بالخواء الشديد وقد وجد
بالتجربة أن هذه الممارسات هى الشئ الوحيد في نظره الذي نجح في التعامل مع
هذا الخواء أو هذه القوة.. وعندما نتكلم عن حل المشكلة فهو في الشخصية
نفسها.. في طريقة التفكير الشاذ، في تعامله مع مشاعره، وفي ردود أفعاله..
فإذا لم نساعده في تعديل هذا الضعف في شخصيته فمهما توقف عن أفعاله ومهما
طالت الفترة فلابد في أول فرصة سينتكس إلا إذا تغيرت هذه الشخصية وأن يعلم
صاحبها أن النمو والنضوج لا يمكن أن يتوقف لأنه لو توقف لن يثبت بل
سيتراجع... إذن الحل برنامج نمو مستمر طيلة حياته يحميه من الانتكاسة
والعودة إلى الممارسات الشاذة ولا يهم سرعة أو بطء هذا النمو بقدر
استمراره وسوف يكون أملنا معقودًا على مبدأ خطوتان للأمام وخطوة للخلف.
سوف يتعلم المتعالج من المجموعة المساندة أو طبيبه المعالج أن علاج الشذوذ
الجنسي أو المثلية الجنسية ليس مجرد دواء يكتبه الطبيب أو عدة جلسات يصبح
بعدها المتعالج في الجنة ويزف إلى عروسة ولكنه طريق طويل يبدأ من التوقف
تمامًا عن أى ممارسات شاذة ثم عدم القرب من أى شئ يوصل إليه أو يذكر به،
ثم حضور الجلسات العلاجية الجماعية أو الفردية مع الطبيب وحده، ثم يتعلم
التعبير عن مشاعره بحرية وصدق ثم تفريغ الشحنات المخزونة منذ الطفولة..
سوف يجد أناس مثله تعرضوا لما تعرض له وسوف يعلم أنه غير مسئول عما حدث في
طفولته ولكنه مسئول الآن.
مــــا هــــــو البرنامـــــــــج؟
(برنامج العلاج الجمعي)
هو طريقة جديدة تسمى بالعلاج الجمعي أو مجموعة المساعدة الذاتية.. والعلاج
يقوم بواسطة مجموعة يشتركون في نفس المشكلة ويحاولون سويًا بمساعدة بعضهم
البعض أولاً الامتناع التام عن أى ممارسة شاذة ثم مساعدة بعضهم البعض في
تغيير طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع مشاعرهم وتغيير سلوكياتهم وأن يتعلموا
طرقًا جديدة للعيش بممارسة طبيعية حلال وأن يقبلوا الحياة بشروطها حتى لو
لم يكن الإشباع مائة في المائة..
ويظهر دور الطبيب المعالج
بالإهتمام بتوفير جو التعافي وهو جو القبول غير المشروط وجو الأمان
والانتماء مما يرفع من الثقة بالنفس ويذيب مشاعر الإحباط والفشل والتردد
والذنب الذي يعاني منه كثير من الشواذ مما يزيد من أمالهم في التعافي
ويمنع أى ميل جنسي شاذ بينهم.
ورغم أن المتعالج قد يواقف على
الالتحاق بالمجموعة فإنه قد يمكن أن يغير رأيه بعد فترة قليلة أو كبيرة
وهذا متوقع جدًا ومحتمل لوجود ما نسميه ازدواجية الوجدان وهو وجود صراع
داخلي أو صوتين بداخله.. صوت يرغب في إكمال العلاح والامتناع عن الممارسات
الشاذة تمامًا، والصوت الآخر يطلب منه أن يغادر المكان ويترك المجموعة
ليرجع إلى ممارساته الشاذة... ولا نتوقع أن يكون ذلك صراحةً حتى هو نفسه
قد يصدق نفسه فتراه يقدم من التبريرات لمغادرة المجموعة وأنه سيكمل العلاج
ينفسه وأنه بالفعل تعافى وأنه لن يمارس أى فعل شاذ مرة أخرى أو أنه قرر
قلب الترابيزة والرجوع إلى الممارسات الشاذة لأنه يجد فيها قبل المتعة
القبول والحب والالتصاق والصداقة ولكنها كذبة كبيرة وحيلة دفاعية هو
يصدقها، وربما الأهل يصدقونها ولكن كيف والتجارب تشير بكل قوة أنه عاجز
تمامًا عن أن يتحكم بمفرده في الامتناع عن تلك الممارسات الشاذة، كيف وهو
لا يعرف أى شئ عن طريقة التعافي نقول أنه مرض مزمن ولكن يمكن محاصرته فأين
تعلم كيفية محاصرة ذلك المرض.. هنا يأتي دور الأسرة ولابد من الوقوف بموقف
حازم.. إننا على استعداد لمساعدتك والذهاب معك إلى الطبيب والالتحاق
بالمجموعة لكن إذا رفضت المساعدة فلن نقبل أن تخرب حياتك وحياتنا وسمعتنا
في وسط العائلة... وتجلب على نفسك الأمراض القاتلة.. اختر طريقك بعيدًا
عنا.
على الطبيب أن يقابل الأهل لزيادة وعيهم عن كيفية التعامل
مع صاحب المشكلة لأن أهل الشواذ دائمًا ما تجدهم يعانون من القلق
والاكتئاب والحزن الطويل والحرج الاجتماعي الشديد.. فهذه اللقاءات
الأسبوعية تساعد أهل الشاذ على الشفاء من الآثار السلبية التي خلفها وجود
إنسان شاذ يعيش بينهم، وأيضًا تلقي المعلومات بمساعدته في الحياة الجديدة
بعد التعافي.. وعندما يلتحق الشاذ بالمجموعة يقومون بمساعدته على إزالة
الدفاعات وتهيئة جو القبول والأمان له للتكلم والمشاركة بما يدور بداخله
من أفكار ومشاعر فبعد أن يبدأ في التكلم عن نفسه نساعده على التكلم عن
أسرار هو نفسه لا يحب أن يسترجعها، ربما في طفولته ليس له دخل بها لكنها
تؤلمه وربما هو نفسه فعلها في مرحلة من مراحل عمره وتشعره بالندم والخزى
والعار والاحساس بالذنب إنها حقًا مؤلمة.. فبعد تهيئة جو القبول والأمان
والحب يبوح بهذه الأسرار أمام المجموعة أو أمام الطبيب وربما هذا يجعله
يشعر بالراحة سريعًا أو ربما يمر بمشاعر مؤلمة تستمر فترة لمواجهة هذه
الأحداث واسترجاعها قبل ان يشعر بالراحة.. ويساعدنا هنا معرفة أصول الشذوذ
أو الإنحراف وبدايته..هل هو التعرض للأذى والضرب والإهانة والانتقام
والتعذيب والعزل، أو لإعتداء جنسي، أو رفضه كمولود وإنسان جديد في العائلة
أو الأسرة، أو انشغال الأبوين بالدنيا.. الأب بالسفر الطويل أو العمل ليل
نهار، والأم بالصاحبات والموضة والغيبة والنميمة، أو مشاعر الخزى الناشئة
عن التشهير بالطفل أو المراهق الذي يمارس الشذوذ.. أو كبت الأم للسلوكيات
الذكورية في الولد مثل الصوت العالي والاندفاع والعنف والفوضى، أو السخرية
من هذه السلوكيات فتقوم المجموعة هنا بتعديل الطريقة التي ينظر بها الشاذ
إلى أفعاله السابقة وتأثيرها عليه بسلوكيات جديدة ومشاعر صحية وأفكار
متفائلة.
في هذه المرحلة يحتاج المتعالج لمساندة وتقديم العون من
الفريق العلاجي وهنا تكمن الخطورة لأننا نساعده في أن يكشف ويواجه أسرار
أو مواقف أمضى سنوات عمره في إخفائها وحتى الهروب منها بينه وبين نفسه،
إنها بالنسبة له مؤلمة جدًا فلا يجب أن نتركه ولا يجب عليه أن يتركنا وهذا
ما يجعلنا نهتم بإتمام البرنامج العلاجي كله وعدم مفاجئة المجموعة أو
الطبيب برغبته في الإنقطاع عن العلاج وترك المجموعة أو الطبيب..
يتضح لنا كفريق معالج جوانب من حياته للتعامل معها وتقديم المساعدة في
المشاكل التي تطرأ وتقديم المساندة والعون من المجموعة والفريق العلاجي أو
الطبيب ومازالت الرحلة العلاجية تؤتي ثمارها بتعلمه مبادئ روحانية يبدأ في
تطبيقها في حياته مثل الصدق والأمانة فهذا هو العمود الفقري للبرنامج،
فأول ما يبدأ بتعلمه هو عدم الكذب مهما يكن وإذا وقع في الكذب أو فعل ما
ينافي الأمانة فعليه أن يعترف سريعًا ويتعلم قبول النقد من المجموعة
لمعرفة عيوبه ولكى يتلقى المساعدة من طبيبه أو المجموعة ولكى يعرف ويحدد
السلوك الشاذ ومضاره وتأثيره على حياة المتعالج ومساعدته في كيفية التخلص
منه وهكذا يستمر في التغيير.. تغيير الشخصية التي أدمنت الإنحراف الجنسي
أو الشذوذ التي إن لم يغيرها فلابد أن تتعاطى الإنحراف مرة أخرى لأن
الشخصية القديمة بطريقة تفكيرها ومشاعرها وسلوكها إعتادت أن تتعاطى
الإنحراف والشذوذ الجنسي فلابد من تغييرها والنضوج والنمو وتطبيق طرق
روحانية جددية في حياته والتخلص من عيوب الشخصية مثل الاندفاعية بمجرد
الرغبة والفكر والغضب إن لم يطاوعه أحد ثم الوحدة والعزلة إن لم يجد رفيق
في الشر والإنحراف أو الاندفاع في إرضاء الآخرين على حساب نفسه وعدم
شجاعته في إخبارهم أنه بدأ في الامتناع ويرجو التعافي، ثم تظهر الأنانية
والعيوب الشخصية ثم وأخيرًا الغرق في مستنقع الشذوذ.. أيضًا يتعلم مهارات
اجتماعية جديدة لكى يتعامل مع الرغبة الملحة لممارسة الشذوذ. كيف يتعامل
مع مشاعره وأفكاره، كيف يتعرف عليها ويسميها ويقبل وجودها بدون أن يستجيب
لها، يتعلم كيفية إتخاذ القرار الناضج و توكيد الذات** والحقوق بطريقة
إيجابية...
الفخاخ النفسية، المواقف عالية الخطورة وكيفية التعامل معها..
ومن الطرق العلاجية أيضًا برنامج صحة العلاقات وصورة الأسرة السوية
والأسرة المضطرية والأسرة التي نشأ فيها والعلاقات الصحية وغير الصحية
وكيفية وضع الحدود في العلاقات ومعرفة أهمية الإلتقاء بالمجموعة أو الطبيب
بصورة منتظمة لتقديم المساعدة في البرنامج العلاجي وخطورته ومناقشته تنفيذ
تلك الخطوات.
البرنامج الروحي
إن المتأمل في سنن الله يعلم أن البلاء سنة من سننه الكونية القدرية، يقول
الله تعالى: ] ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال
والأنفسوالثمرات وبشر الصابرين [ [البقرة: 155]... ويخطيء من يظن أن
الصالحين من عباد الله هم أبعد الناس عن المصائب والبلاء، سُئِلَ النبي
صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاء ؟ قال: »الأنبياء ثم الصالحون ثم
الأمثل فالأمثل من الناس، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه
صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه« ([1])، وهو من علامات
حب الله للعبد، قال صلى الله عليه وسلم: »وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم«
([2])، وهو من علامات إرادة الله بعبده الخير ، قال صلى الله عليه وسلم:
»إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله
بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة« ([3])، والبلاء
كفارة للذنوب مهما صغرت، قال صلى الله عليه وسلم: »ما من مسلم يصيبه أذى
شوكة فما فوقها, إلا كفر الله بها سيئاته كما تَحُطُّ الشجرة ورقها« ([4])
ولذلك فإن المسلم المبتلى إن كان صالحاً فالبلاء تكفير لسيئات مضت، أو رفع
في الدرجات، وإن كان عاصياً فهو تكفير للسيئات، وتذكير بقصر الدنيا ليقلع
عن السيئات.
تصحيح العقائدومعرفة التوحيد وأصول الإيمان
وذلك بمعرفة الله سبحانه وتعالى حق المعرفة، وهذا أصل الدين ..
1- معرفة الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا ومحبته ودعاؤه بها والتعبد له
بمقتضاها والإيمان بكل ما وصف الله به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله
عليه وسلم.
2- الإيمان بالله رباً يعني اعتقاد انفراده سبحانه
بالخلق والرزق والتدبير والإحياء والإماتة والضر والنفع وبالملك التام
وبالأمر والنهي والتشريع و السيادة.
3- الإيمان بالله إلهاً لا
إله إلا هو لا شريك له في ألوهيته يعني توجه العبد بكل عبادته وأفعاله
الظاهرة والباطنة لله وحده والكفر بكل ما يُعبد من دونه فالإله هو المعبود
والمطاع والذي تميل إليه القلوب وتشتاق إليه.
4- حب رسول الله
صلى الله عليه وسلم وتوقيره وإتباعه والإيمان به وتقديم قوله على كل أحد
وهديه على هدي كل أحد .. وإتباع السنة واجب في الأصول والفروع وفي العقيدة
والعمل في الظاهر والباطن.
5- الاعتقاد الجازم بانفراد الله بحق الحكم والتشريع والتحاكم إلى شرعه وقبول حكمه والرضا به.
6- صرف معاني الحب والرضا والنصرة والطاعة والمتابعة والمعاونة والقيام
بالأمر والصداقة والتشبه وإظهار المودة لله ورسوله وللمؤمنين وينصر دين
الله وينصر السنة
7- الإيمان بالملائكة والكتب والرسل.
8- الإيمان باليوم الآخر وبوجود الجنة والنار وأنهما مخلوقتان وأنهما لا تفنيان أبداً.
9- الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره.
10- الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
11- حب الصحابة وتوليهم ومعرفة فضلهم .. وكذا أزواجه صلى الله عليه وسلم وحب أهل بيته كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم .
التزكية والعمل الصالح
قال تعالى: ] هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته
ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين [
[الجمعة: 2]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة:
»تقوى الله، وحسن الخلق« ([5])..وقال صلى الله عليه وسلم:»اتق الله حيثما
كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخُلُق حسن« ([6]) .
فأصل تزكية النفس وتطهيرها يحصل بأداء الفرائض ثم النوافل ، ومعاملة
الخَلْق بالأخلاق الفاضلة..وهناك بعض الأمور من الفرائض والنوافل تعين على
تحصيل التزكية:
1- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها في المسجد جماعة، والحرص على الخشوع فيها.
2- الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام.
3- التبكير إلى الجمعة.
4- المداومة على التسبيح والأذكار قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وبعد الصلاة
وقبل النوم، والمُكْث في المصلى إلى الضحى ، قال تعالى:[وسبح بحمد ربك قبل
طلوع الشمس وقبل غروبها] [طه: 130].
5- المداومة على حزب يومي من القرآن.
6- المحافظة على اثنتي عشرة ركعة من النوافل الراتبة كل يوم.
7- حضور مجالس العلم والذِّكر، والحذر منالإعراض عنها، قال النبي صلى الله
عليه وسلم:»ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله تعالى
ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ،وحفتهم
الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده« ([7]).
8- محاسبة النفس كل يوم
وليلة قبل النوم أو في أي وقت آخر، ومراجعة النية والإخلاص، والحذر من
أمراض القلب، ومن أخطرها: الرياء، وطلب المدح من الناس، والكِبْر،
والإعجاب بالنفس، والغفلة، والانشغال بالأسباب عن التوكل، وطلب الجاه
والرياسة، وحب الدنيا وتقديمها على الآخرة، والحسد والشحناء؛ قال تعالى: ]
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن
الله خبير بما تعملون[[الحشر: 18].
9- تأمل تعاقب الليل والنهار، ومرور الوقت، وقصرالأمل، والحذر من الكسل.
10- النظر في خَلْق السماوات والأرض مع التفكر والاهتمام بالعبادات
القلبية: كحب الله ، والخوف منه ، ورجاء رحمته ، والشوق إليه ، والتفكر في
آثار أسمائه وصفاته ، وحسن التوُّكل عليه ، والتضرُّع والذل والانكسار بين
يديه .. قال تعالى: [إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار
لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياماً وقعودا وعلى جنوبهم
ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا
عذاب النار] [ آلعمران: 190ـ 191].
11- بر الوالدين وصلة الأرحام
والإحسان إلى الجيران، قال تعالى: ] فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في
الأرض وتقطعوا أرحامكم [ [محمد: 22].
ولما سئل النبي صلى الله
عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال: »الصلاة على وقتها«. قيل: ثم أي ؟ قال :
»بر الوالدين«.. قيل : ثم أي ؟ قال: »الجهاد في سبيل الله« ([8])...
12- غض البصر ، وحفظ الفرج ، وستر العورة ،والحذر من الاختلاط ولمس
الأجنبيات ، والحديث معهن فيما لا حاجة فيه ، قال تعالى: ] قل للمؤمنين
يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم [ [النور: 30 ].
13- زيارة القبور وإتباع الجنائز.
14- أداء الزكاة المفروضة بحسابها الشرعي والإكثار من الصدقة ، قال النبي
صلى الله عليه وسلم: »والصدقة تطفيءالخطيئة كما يطفيء الماء النار«([9]).
15- صوم رمضان إيماناً واحتساباً ، والمداومة على صيام ثلاثة أيام تطوعاً
من كل شهر ، أو صوم الاثنين والخميس ، أو صوم يوم وإفطار يوم.
16- قلة الكلام إلا في الخير ، والحذر من كثير الضحك والمزاح ، والحذر من
آفات اللسان ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:» من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليقل خيراً أو ليصمت« ([10]).
17- الاعتزال عن الشر وقرناء السوء والخلوة مع النفس بين حين وآخر.
18- المحافظة على قيام الليل ؛ خصوصاً الوتر..قال النبي صلى الله عليه
وسلم لمعاذ: »ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جُنَّة ، والصدقة تطفيء
الخطيئة كما يطفيء الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل« ، ثم تلا: ]
تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون *
فلا تعلم نفس ما أُخفيَ لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون [
[السجدة: 16ـ 17] ([11]).
19- كثرة الدعاء والإلحاح فيه مع
اليقين بالإجابة ، وعدم الاستعجال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
»الدعاء هو العبادة« ([12])... قال تعالى: ] ادعوني أستجب لكم إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [ [غافر:60 ].
20- المداومة على الاستغفار، خاصةً في السَّحَر، قال تعالى: ] والمستغفرين بالأسحار [ [ آل عمران:17].
21- الوضوء قبل النوم، والمحافظة على أذكار النوم وآدابه والذكر عند الاستيقاظ.
22- التعاون على الطاعة والاجتماع عليها ، قال تعالى: ] وتعاونوا على البر
والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [ [المائدة: 2 ].
23-
حفظ القرآن وتعاهده ، والحذر من تعريضه للنسيان ؛ قال صلى الله عليه وسلم:
»إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخَرِب« ([13]).
24- قراءة كتب العلم.
25- التعجيل بالحج، والمتابعة بينه وبين العمرة.
26- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبدء بالرفق، والصبر واحتمال
الأذى، ومراعاة القدرة والاستطاعة لما روى أبو سعيد الخدرى س قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: »من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ،
فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان« ([14]).
27- السعي في الكسب الحلال والعمل الحلال وتطييب المطعم ... قال تعالى:
]يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم [ [البقرة: 172]. .. وترك
الحرام كالربا والرشوة والغش والغصب والسرقة وغيرها.
__________________________
([1]) صحيح. رواه الترمذى [2398], وابن ماجه [4023], من حديث سعد بن أبى وقاص س.
([2]) صحيح. رواه الترمذى [2396], وابن ماجه [4031], من حديث أنس س.
([3]) صحيح. رواه الترمذى [2396], من حديث أنس س
([4]) رواه البخارى [5648], وأحمد [4193], من حديث ابن مسعود س.
([5]) حسن. رواه الترمذى [2004], وابن ماجه [4246], وأحمد (2/291), من حديث أبى هريرة س.
([6]) حسن. رواه الترمذى [1987], وأحمد [20847], من حديث أبي ذر س.
([7]) رواه مسلم [2699], وأبو داود [1455], من حديث أبى هريرة س
([8]) رواه البخارى [7534], ومسلم [85], من حديث ابن مسعود س.
([9]) هو قطعة من حديث معاذ س الآتى بعد حديث.
([10]) رواه البخارى [6018], ومسلم [47], من حديث أبى هريرة س.
([11]) صحيح. رواه الترمذى [2616], وابن ماجه [3973], وأحمد 5/231).
([12]) صحيح. رواه أبو داود [1479], والترمذى [2969], وأحمد [17919], من حديث النعمان بن بشير س.
([13]) صحيح. رواه الترمذى [2913], وأحمد [1948], من حديث ابن عباس م.
([14]) رواه مسلم [49], وأبو داود [1140].
وســـــواس الشـــــذوذ الجنســـــي
ما هي وساوس الشذوذ الجنسي؟
هى أفكار وتصورات وتخيلات جنسية شاذة متطفلة أو دخيلة، أو غير مرغوبة، ولا
تتفق مع مبادئه وشخصيته واتجاهاته.. فهى بالتالي أفكار وتصورات لا يرضى
عنها الشخص المصاب بها ولا يحبها ولا يريد فعلها مطلقًا بل ويرفضها
ويقاومها ويحاول وقفها، فهو بالتالي ليس مصابًا بالشذوذ الجنسي ولكن لديه
أفكار وسواسية وظنون وشكوك أنه شاذ جنسيًا..
لا يستطيع أحد منا
أن ينكر أنه قد جاءته ذات يوم أفكار متطفلة أو دخيلة، أو غير مرغوبة، ولا
تتفق مع مبادئه وشخصيته واتجاهاته. والمتعالج من الممكن أن يكون سبب قلقه
وتوتره هو ظنه أنه شاذ (وحقيقةً هو ليس كذلك) وأنه يريد هذه الأفكار
والتصورات والتخيلات فيكون أحد الذين تنطبق عليهم القاعدة السابقة
بالإضافة إلى أنه لديه حساسية شديدة من مباغتة هذه الأفكار لعقله. فيبدأ
فى محاولة تخفيف شعوره بالقلق والإحساس بالذنب فيتبع أسلوب التجنب والهروب
من هذه الأفكار. وللأسف فإن هذه المحاولات تبوء بالفشل عادة وتقوى وتكبر
الأفكار الغريبة وتصبح أشد وأقوى ومن ضمن الأفكار فكرة قد تسيطر عليه بأنه
شاذ جنسيًا، أو صور وأفكار جنسية شاذة، أو دوافع جنسية شاذة لا يستطيع
التحكم بها.
ولكى نطمئن المتعالج نهمس فى أذنه قائلين:
دع القلق واطمئن لأنك لن تنفذ هذه الأفعال الرهيبة لأن عقلك غير مقتنع
بهذه الأفكار السيئة، أو الصور الجنسية التى تخطر ببالك والله لا يحاسب
على الأفكار بل الأفعال..
بعض المتعالجين تصاحب أفكارهم
الوسواسية طقوس خاصة للسيطرة على القلق والإزعاج الناتج من هذه الأفكار
والخوف من تنفيذها. وبدلاً من تحقيق الهدف فإن العكس هو الذى يحدث وهو
زيادة القلق والمعاناة. فيلاحظ قيام المرضى بأفعال خفية لمحاولة تقليل
القلق والتى لا يلاحظها الآخرون.
مثــــال: تكرار ذكر دينى معين مئات المرات بدون أى تدبر .. أو الهمس بكلمات:
· أنا لا يمكن أعمل كده أبداً
· أنا برىء من هذا الكلام إلى يوم الدين
· أو قراءة آيات معينة مئات المرات بدون أن يكون هناك دليل أو سند من الدين.
وهنا لابد من الإقرار أن كل هذه الأفكار لا تعنى شيئاً وكل ما تعنيه أن
المصاب بها هو إنسان مريض بالوسواس القهرى وبحاجة ماسة للعلاج.
ومشكلة المريض تكمن فى تفسير الأفكار الدخيلة على عقله. فيبدأ المريض فى
تفسير الفكرة وكأن لها نفس حقيقة الفعل. أى كأن المريض قد قام إراديًا، أو
كأنه يريد هذه الأفكار أو يعتقدها أو يؤمن بها، أو ظنه أن الله سيحاسبه
عليها. فتبدأ محاولات تجنبها والسيطرة عليها والتحكم فيها لتقليل القلق
الناتج منها والطقوس الوسواسية الفكرية. ونتيجة لذلك يقل القلق ولكن
مؤقتاً ثم يزداد ثانيةً عندما تأتي الأفكار والتصورات مرة أخرى. وهكذا
تدور دائرة الوسواس.
يبدأ الوسواس بفكرة أنه شاذ جنسيًا أو صورة
في عقله يتصور فيها نفسه وهو يمارس الشذوذ مع رجل، أو هى تمارس الشذوذ مع
امرأة، أو رغبة تقفز إلى العقل فتسبب اضطراباً وإحساساً بالذل والذنب
والخجل والخوف ودائماً ما تكون ذات مغزى عدوانى أو جنسى أو كفرى.
فيبدأ الشك فى كل مظاهر الحياة والأفكار والمشاعر
ومثـــــال ذلــــك:
· الرجل المحب لأولاده وفجأة تأتيه فكره أو اندفاع لعمل شئ يضرهم أو يؤذيهم.. (مجرد فكرة)
· رجل متدين تقفز إلى عقله أفكار ومواضيع دينية كفرية لمخالفة الشرع أو سب
أشياء مقدسة عزيزة على القلب فيشعر المريض بالذنب والحزن
·
المريضة التى يوسوس لها عقلها أنها كلما سجدت فإنها تسجد للشيطان وليس
لله. فتركت الصلاة خشية أن تكون هذه الفكرة حقيقية وصلاتها للشيطان وليست
لله
· الرجل الفاضل المسئول الذى تأتيه وساوس ودوافع لعمل حريق فى بيوت الجيران أو دفع إنسان يمشى على الرصيف أمام السيارات
· الزوج الفاضل الموفق مع زوجته جنسياً وقد آتاه وسواس فى شكل صور ودوافع لممارسة الشذوذ الجنسى
· الفتاة حديثة البلوغ التى تدينت والتزمت وأصابها الوسواس فى صورة شك فى
صحة الوضوء أو الصلاة أو عدم الإخلاص أو الرياء أو الشرك لمجرد أى فكرة
صغيرة تخطر ببالها ولا تستطيع أن تتخلص منها
· الشاب المتزوج
حديثا (أو الفتاة) والمشغول بمسئوليات الأبوة (أو الأمومة) من الممكن أن
يعانى من وساوس ومخاوف الإضرار بأولاده فى المستقبل عندما ينجب
·
الفتاة التى عقد قرانها وتذهب لطبيبة النساء قبل الزواج لشكها فى عدم
سلامة بكارتها. وتكرر الذهاب ولا يتوقف عقلها عن التفكير فى هذه الفكرة
أنها ليست على ما يرام وكل حين تؤجل الزفاف
وتعليقاً على ما سبق
يمكننا القول إن مريض الوسواس القهرى هو فريسة الشكوك والمخاوف التى تصيب
الناس عادة أثناء مراحل حياتهم. لكن مريض الوسواس لا يترك هذه الأفكار تمر
مرور الكرام مثل كل الناس ولكنه يضخمها ويكبرها ويصبح أسيراً لها من كثرة
التفكير فيها ومحاولة وقفها.
كيف يحاول المريض التحكم فى الوساوس القهرية؟
الانتباه واليقظة الشديدة لأى فكرة تخطر على البال:
أ.مثل راعى الغنم المنتبه على غنمه والذئب قريب منه يتحين
ب- مثل رجل الأمن اليقظ الذى يرى السارق من بعيد يحوم حول المبنى فيصبح
عقله منشغلاً بالقبض عليه. هنا ينطبق نفس الكلام على المريض فيصبح عقله
منشغلاً بإمساك أى فكرة من هذه الأفكار ولكن بصورة عصبية بل ويتحين العقل
فرصة حدوث أية فكرة من الأفكار مرات ومرات، ويصرف طاقته لمنعها أو السيطرة
عليها.
الفكرة الوسواسية: مثل البلطجى المجرم الفتوة الذى لا
يساوى أى شئ وليس له قيمة، يحسب له الناس ألف حساب، ويصبح شيئاً مهماً
ويستحوذ على تفكيرهم وهو تافه لا يستحق هذا الاهتمام.
هذه المحاولات لكبت أو وقف هذه الأفكار تصبح أكثر وضوحاً. ولن تتعدى نتيجة هذه المحاولات ما يحدث عندما تأمر أحداً ما قائلاً له:
فكر فى المكعب الكروى أو الكرة المكعبة. ثم تقول له لا تفكر فى المكعب الكروى أو الكرة المكعبة نصف ساعة.
ترى كم مرة ستقفز فكرة المكعب الكروى أو الكرة المكعبة إلى العقل؟
إن هذه المحاولات لوقف هذه الأفكار سوف تزيد،وبالتالى يزداد معدل حدوث هذه الفكرة.
أحياناً ما يقوم المريض بأداء طقوس خفية بهدف عدم فعل أو معادلة الفكرة وهو ما يسمى بالمناجاة الصامتة فيقول مثلا فى السر:
- اغفر لى يا رب هذه الأفكار.
- أنا لا يمكن أعمل كده.
- الاستغفار والتوبة آلاف المرات.
3- أو معادلة الفكرة بفكرة أخرى أو صورة جميلة أوالعد الخفى لأرقام يظن أنها تجلب الحظ، (وهذا ظن خاطئ).
4- وأحياناً أخرى يقوم كثير من المرضى باختبار أنفسهم فيما يتعلق بأفكارهم الوسواسيةوسلوكهم الغريب وأمثلة ذلك:-
أ- الأم التى تخشى من ذبح ابنتها الوحيدة إن هى أمسكت بسكين، وبالتالى
تتخلص من كل سكاكين البيت أو تضع الأم السكين على رقبة ابنتها لكى تؤكد
لنفسها أنها لن تفعل ذلك.
ب- الرجل المتدين المحترم الذى يعانى
من فكرة وسواسية أنه شاذ جنسياً فيقوم بإحضار صور رجال عراة ينظر إليها
لكى يطمئن نفسه أنه لن يثار جنسياً، وبالتالى يطمئن أنه غير شاذ!!
ﺟ- الرجل الذى يخاف من الفكرة الوسواسية أنه سيلقى بطفله الوليد الحبيب من
النافذة إن هو حمله لكى يلاعبه ويهدهده فيقوم باختبار نفسه بحمل الطفل
والوقوف بجانب النافذة لكى يختبر نفسه أنه لن يفعل ذلك.
وهذه
الاختبارات هدفها هو معادلة الأفكار المتطفلة على العقل والحصول على
الراحة المؤقتة من القلق الذى تسببه هذه الأفكار, ولذلك فهى تجعل الشخص
أسيراً لهذه الأفكار الواسواسية.
وقبل أن الشروع فى ذكر الخطوات العلاجية يجب التنويه إلى عدة نقاط هامة:
- ليس كل علاج ينتفع به كل مريض.
- على الطبيب المعالج أو الصديق المشارك أو أحد أفراد الأسرة المتطوع
بالمشاركة فى عملية العلاج، أن يستخدم أحد هذه الطرق والصبر عليها
وتكرارها دون ملل، حتى تؤتى ثمارها ولا ينتقل إلى الطريقة التالية إلا عند
الضرورة وهى عدم التحسن أو التحسن الجزئى.
- ثبت أن استعمال هذه
الطرق العلاجية عن طريق المريض وحده لا يجدى لذلك يجب استخدام طريقة
المشاركة العلاجية ويستحسن أن تكون عن طريق الطبيب النفسى.
خطــــــوات العـــــــلاج:
1- وقف الفكرة الوسواسية
- دع المريض يردد الفكرة الدخيلة على عقله عدة مرات أمامك.
- اجعل المريض يغلق عينيه أثناء ذلك وهو يردد الفكرة وفى هذه الأثناء قل له وأنت بجانبه بصوت عال وواضح:
(أوقف هذه الفكرة الآن. كف عن التفكير فيها).
- هنا على المريض أن يصر على أن أفكاره قد توقفت، وعليه تكرار هذه العملية مرات عديدة.
- عزيزى المريض حاول تكرار التجربة ولكن مع نفسك. تصور أنك تهمس لنفسك
بالفكرة الدخيلة ثم فجأة قل لنفسك: أوقف التفكير, واقطع هذه الأفكار
المتلاحقة. وإذا عادت الأفكار - وبالطبع سوف تعود - حاول وقفها ومنعها
بنفس الطريقة السابقة وذلك بمجرد أن تبدأ، ولا تدعها تسترسل فى عقلك قدر
استطاعتك.
- من الممكن وقف الفكرة عن طريق استبدالها بفكرة أخرى
مقبولة بأن تتصور منظراً طبيعياً جميلاً مثل بحر ذو أمواج هادئة له لون
أزرق صافى وأنت تجلس أمامه على رمل ناعم وبجوارك مظلة (شمسية) ومعك صديق
حبيب تتسامر معه وترى منظر غروب الشمس أو الشروق أثناء جلوسك هناك.
- أو تخيل نفسك قد قمت بزيارة إلى المنتزه، وشاهدت الأشجار الباسقة
والخضرة اليانعة وتجئ إليك نسمات الهواء, وصوت العصافير ورائحة الأزهار
الزكية وأنت تفترش الخضرة والأطفال يلعبون حولك أو تخيل نفسك في الطريق
وأمامك إشارة المرور الضوئية وعقلك يركز في تغيير الألوان من أحمر إلى
أصفر إلى أخضر أو العكس. أو اترك العنان لعقلك لأي فكرة أخرى.
-
يمكن للمريض أن يستخدم مثيراً مؤلماً مثل جذب أسورة مطاطية من على معصم
اليد أو الجبهة، وتركها بسرعة لتترك ألماً كافياً، ينبه عقله لوقف تكرار
الفكرة الوسواسية.
2- اقبل وجود الفكرة وعش معها
أ- ثم ننتقل معك الآن إلى فكرة جديدة تجعلك تعيش بشكل أفضل مع بعض الأفكار الدخيلة عليك وتقاوم تأثيرها السلبي وذلك عن طريق:
- اقبل الفكرة - مهما كانت - وعش معها ولكن عليك مقاومة الإلحاح على
تجنبها أو معادلتها. فقبول وجود الفكرة يتطلب ترك هذه الفكرة بدون تقييمها
أو الحكم عليها أو التأثر بها، ونوضح أن قبول الفكرة والعيش معها ليس
معناه قبول فكرة أنني شاذ جنسيًا ولكن قبول فكرة أنني أعاني من مرض
الوسواس القهري وهو لا يعني إلا أنني مريض وبحاجة للعلاج.. والعيش معها
بمعنى وكأنها صوت الجيران أو صوت قطار يمر من أمام غرفة النوم ومطلوب مني
عدم العراك مع الفكرة لأنني كلما تعاركت معها زادت قوتها.
وتأكد
أن هذه الأفكار لن تمنعك من النوم أو الأكل أو دخول دورة المياه أو الوضوء
والصلاة أو المذاكرة و التفكير أو كتابة رسالة لصديق أو ذكر الله.
بعد أن عرضنا أهمية اعتبار الوساوس مجرد فكرة لا أكثر وأهمية تجاهل هذه
الفكرة وتعايشنا معها سنجد أن هذه الفكرة ستتلاشى من الوعى والإدراك
تدريجياً وكأنها غير موجودة.
وهذا ما سيحدث بالتحديد مع أثر الوساوس على العقل.
- سوف تجد أن مجرد نجاحك فى الحفظ والتركيز أثناء المذاكرة أو الصلاة أو
ذكر الله وتجاهل عقلك للصوت المزعج (صوت الجيران أو القطار) وتكرار هذا
الموقف مراراً وتكراراً، سيجعلك تنجح فى تجاهل أثر الوساوس على العقل.
وسيجعلك تنجح فى ممارسة حياتك بعد ذلك وأنت تتجاهل الأفكار الدخيلة
والمتطفلة على العقل، تماما كتجاهلك لصوت القطار العالى وإزعاجه الشديد لك.
3- أسلوب مراقبة الذات
تستعمل هذه الطريقة مع المرضى الذين لديهم دافع قوى ورغبة أكيدة فى
العلاج. ويشترط وجود علاقة جيدة وثقة بين المريض والطبيب لأنه فى هذه
الطريقة سوف يزيد مستوى القلق فى أول الأمر مما يدفع المريض لترك العلاج
أو تغيير الطبيب.
يطلب من المريض عمل جدول فى ورقة مقسمة إلى ثلاثة أجزاء طولية كما هو موضح:
[center] مسلسل
الفكرة الوسواسية
مرات حدوثها
المجموع
1
2
3
4
ثم يقوم بوضع علامة (*) في العمود كلما حدثت الفكرة ثم يقوم آخر اليوم
بتجميع عدد العلامات ثم يقوم بتعليق نتيجة اليوم السابق بجانب الجدول
الجديد..ثم عمل جدول كبير يشمل كل الشهر.
قد لوحظ أن المتعالج
عند كتابة عدد مرات حدوث الفكرة أصابه القلق وزاد معدله فى الأيام الأولى
خوفًا من تنفيذ الأفكار وتحويلها إلى أفعال شاذة. ثم أخذ فى التراجع يوماً
بعد يوم مما حدا بالمعالج أن يقوم بمدح المتعالج والثناء عليه مما شجعه
أكثر على تجاهل الأفكار وعدم العراك معها، لرغبته فى الشفاء ورغبته أيضا
فى إسعاد نفسه.
وأيضا لأن المتعالج عند وضع العلامات عند حدوث أى
فكرة وجمعهم آخر اليوم يشعر أن ذلك فيه تضييع لوقته وعمله مما يساهم فى
دفع المتعالج لتقليل اهتمامه بهذه الأفكار وبالتالى يقل رصده للعلامات
والالتفات إلى حياته وعمله (قلة رصد العلامات معناها قلة الأفكار). وعند
تكرار التجربة يوم بعد يوم يقل معدل حدوث تلك الأفكار.
4- مواجهة الأفكار الدخيلة
يمكنك أن تواجه أفكارك الدخيلة على عقلك بالتعود على وجودها كما ذكرنا
سابقًا وأثرها المؤلم، لأنه غالباً ما يشعر المريض عند وجودها بالخوف
والفزع وما يصاحب ذلك من أعراض فسيولوجية مثل دقات القلب وجفاف الحلق وعرق
الأيدى وشحوب الوجه وبرودة الأطراف, فالمواجهة هنا تعنى إزالة حساسية
العقل لهذه الأفكار. وذلك يشمل تحديداً تعريض النفس لهذه الأفكار
الوسواسية مراراً وتكرارا حتى يتعود العقل عليها ويتضجَّر منها وهذا يعنى
قبول وجود هذه الأفكار بدون المشاعر المصاحبة لها من خوف وفزع وقلق وعدم
راحة. أى بتكرار الفكرة المزعجة والمقلقة تفقد قوتها وتأثيرها عليك.
3-الخطوات الأربعة (عالج نفسك بنفسك)
أ. أعد تسمية الأفكار (أفكارًا وسواسية).
ب. أرجع الأفكار إلى كونها اضطرابًا مرضيًا.
ج. ارفض حقيقة أن الأفكار الوسواسية حقائق ثابتة.
د. ضع في اعتبارك تناول دواء لعلاج الوسواس لو فشلت في وقف هذه الأفكار أو التخلص منها بالطرق المعرفية السلوكية.
- لابد أن تعلم أن الهدف من هذه التدريبات هو مساعدتك على العيش مع أفكارك
المزعجة بل والمخيفة أحياناً بقليل من القلق وعدم الارتياح.
- لابد أن تعلم أيضا أن جوهر المشكلة يكمن فى تفسير معنى الفكرة وهو الذي يحدد كيف يتصرف الناس؟
- ومع أنه من غير المعقول أن نتوقع اختفاء هذه الأفكار الوسواسية بصورة
كاملة فإنك سوف تستشعر راحة كبيرة بمجرد فهمك وتأكدك أن الفكرة هي مجرد
فكرة لا أكثر...
خاتمــــــــــــــة إن مساعدة مع من يطلب العلاج ويسير في طريق التوبة ليس معناه أن يستمرئ من
ابتُلي بهذا الأمر الوضع، ويقول: نحن ضحايا المجتمع، ولا ذنب لنا فيما نحن
فيه... فهذا أمر غير حقيقي؛ لأنه بافتراض نشأة الإنسان في مجتمع فاسد قد
أدى به إلى اكتساب سلوكيات منحرفة فإن هذا الإنسان بمجرد وصوله لسن
الإدراك والبلوغ والتكليف وبعلمه بخطأ سلوكه المنحرف يصبح مسئولا عن تغيير
هذا السلوك وتحويله إلى الصورة السوية، ولا يتحجج أنه عندما كان طفلا قد
لمسه شخص ما أو عندما كان طفلا كان الناس يتسامرون برقصه… فهذا خطأ ممن
قام بهذا الأمر لا يعطي المبرر لمن أثرت فيه التصرفات بأن يقول لقد وقع
عليَّ ظلم المجتمع فلماذا تحاسبونني.. ولكن مع ذلك نحن نعتبرك الآن تعاني
من مرضين في نفس الوقت: مرض الوسواس القهري في صورة أفكار ودوافع وسواسية
لممارسة تلك السلوكيات الشاذة وأفعال قهرية تدفعك دفعًا لممارسة تلك
السلوكيات.. والمرض الثاني هو إدمانك تلك السلوكيات والاعتياد عليها.. سوف
نقوم بعلاجك ومساعدتك ثم نحاسبك بعد ذلك لأنك أصبحت عاقلا تعلم الخطأ
والانحراف، وهو انحراف مكتسب يمكن علاجه والتخلص منه فأنت مسئول عن عدم
علاجك لنفسك وعندها من يتقاعس عن علاج نفسه وتخليصها مما ألم بها من
انحراف تحت ادعاء أنه ضحية يكون مستمرئا للخطأ والانحراف، ويحق أن توجه
إليه أصابع الاتهام بالشذوذ وغيره.
اطلب العلاج، وابحث عن الطريق الصحيح.. وستجد كل الأيد تمتد إليك.
ليست المشكلة في التسمية "مثلية" أو "شذوذ"، ولكن في أن تتحرك تحركًا
جادًّا للعلاج، وعندها ستعود لك القدرة على مواجهة الحياة وأداء العمل؛
لأنك ستتصالح أولا مع الله، ثم مع نفسك، ثم مع مجتمعك، وعندها ستكون مؤهلا
للزواج والارتباط بغير فشل أو مشاكل.
في أحيان كثيرة يصاب الشخص بالاكتئاب عند تذكر الماضي وأفعاله الشاذة، فلا مانع من تلقي علاج للاكتئاب فهو مرحلة في العلاج.
إن التقدم في علاج الاكتئاب يكون بطيئا ولكن في النهاية سوف يشفي الإنسان
إن شاء الله ويعود إلى طبيعته بشرط ألا يقاوم الشفاء، بمعنى ألا يحبط نفسه
ويظل يعود إلى الذكريات القديمة ويسأل أسئلة غير حقيقية عن جدوى العمل
الصالح بعد ماض سيئ، وهل كل الصالحين الذين تابوا وملئوا الدنيا خيرا
كانوا خيرين منذ بداياتهم أم كانوا مسيئين ثم تابوا وأصلحوا ولم يظلوا
يعيشون في الماضي، بالعكس كانت معصيتهم سببا في حرصهم على الزيادة في فعل
الخيرات.
أنت لم تُخلق لتكون هكذا ؛ لأن الله -عز وجل- ما كان
ليعاقب الإنسان على أمر هو قد خلقه فيه أو متأصل فيه.. فلأنه سلوك يكتسبه
الإنسان، ويستطيع التخلص منه بإرادته.. يحاسبه الله عليه؛ ولذا فقد عاقب
قوم لوط، ولو كان الأمر جِبلَّة فيهم، أو أمرًا لا يستطيعون مقاومته فما
كان الله ليعاقبهم.
إنك اكتسبت هذا السلوك الشاذ من خلال تتبعك
لصور اللواط حتى استهوتك، وانحرفت فطرتك السليمة؛ لتعودك على رؤية اللواط
واللواطيين؛ فأنت الذي فعلت في نفسك ذلك.. وأنت من الناحية الطبية النفسية
تُعتبر شاذًّا جنسيًا، أو ما نسميه "مثلي الجنسية"، وتحتاج إلى العلاج
النفسي السلوكي، والذي يحقق إيجابية بشرط إصرارك وإرادتك القوية في
العلاج. مع التنبيه على أن تشخيص هذه الحالة لا يستدعي الممارسة الفعلية،
ويكفي الخيالات والرغبة، وممارسة العادة السرية في هذا الاتجاه.
(معجب – متعلق – أحبه – وسيم – أفكر فيه باستمرار).
هذه الكلمات لا تصلح للتعبير عن علاقة طبيعية بين شابين في نفس السن ومن
نفس الجنس؟ والحد الأدنى في عدم طبيعية هذه العلاقة هو ما نسميه بالحب
المرضي، وحَدَّه الأعلى هو العلاقة الجنسية المثلية بين الطرفين، والتي قد
تكون هناك مؤشرات بسيطة لها في البداية، ولكن الأمر يصبح خطيرًا بالذات
إذا كانت الوسامة وألفاظ الحب التي لا تستخدم إلا بين الحبيبين من جنسين
مختلفين هي أحد أدوات التعبير عن هذه العلاقة..
نحن لا نتهمك
بشيء، ولكن نقول إن ما تشعر به ناحية الشباب الذكور هو مرض لا بد من
العلاج منه وما تشعرين به تجاه الشابات الإناث هو اضطراب لابد من العلاج
منه.. اضطراب قد يكون في بدايته، ولكنه يحتاج إلي العلاج المبكر؛ حتى لا
يتفاقم، ويصبح مرضاً عضالا، لا علاج منه، وهنا سيكون السؤال: ما العلاج ؟!
إن أول العلاج أن تدرك خطورة هذا التعلق، خاصة وأنه قد أثر على علاقتك
بالله وعلى محيطك الاجتماعيى وعلى دراستك، إذن فالأمر ليس محل نقاش أو
خلاف في كون هذه العلاقة مرضية أم لا ؟!
الأمر الثاني هو ضرورة
قطع هذه العلاقة الشاذة تمامًا، وهو العلاج الوحيد الناجح لمثل هذه
الحالات؛ حيث إن الرؤية واللقاء والحديث، حتى لو كان حديثًا غاضبًا أو
لقاءً عابرًا، يؤدي إلى تفاقم هذه العاطفة؛ فلا حل لها إلا قطعها من
جذورها. سيؤدي ذلك إلي بعض الألم أو كثير من الضيق، ولكن مع مرور الوقت
ستستعيد توازنك النفسي، وتدرك مدى خطورة هذه العلاقة على صحتك النفسية؛
حيث سترى نفسك وقد استعدت علاقاتك الطبيعية مع باقي زملائك، وقد عدت إلي
ربك وأهلك ودراستك ومذكراتك ومستواك الدراسي، وعدت لترى الدنيا مرة أخرى
بعد أن كانت قد تحولت إلي عالم محدود لا يوجد فيه إلا هذا الشاب..
إن الشباب يكونون عاطفيين، وفي بعض الأحيان لا تنضبط هذه العواطف بالضوابط الشرعية أو حتى العرفية المتعارف عليها بين البشر..
وإن الصداقة بين شابين أمر مقبول، ولكن في حدودها الطبيعية؛ فتجد أن
الصفات الطيبة والمشتركة في كل طرف هي محور هذه العلاقة، وأنها قابلة
للزيادة والنقصان، وللاتزان والابتعاد بدون تأثير على حياة أي من الطرفين؛
حيث يعتبر كل طرف الآخر عونًا له، ولكن لا يعتبره كل الدنيا أو كل
الحياة.. فالصداقة تتسع لتشمل آخرين، حتى إذا ما ابتعد أو سافر أو غاب
أحدهم وجدنا السلوى في الآخرين بهدوء وبدون تشنج أو انهيار.. إن الصديق
يحب صديقه، ولكن في حدود أن يتصارحا ويتعارفا ويتشاركا، ويظل لكل حدوده
وحياته الخاصة..
إن الفهم المبكر والتطبيق الصارم لهذه المعاني
لهو العاصم بعد الله من هذه التجربة..قاوم تمامًا هذه المشاعر ولا تنجرف
في طريقها وتوقف تمامًا عن هذه الأفعال، وستعود لحياتك الطبيعية، ونحن
بجانبك إذا احتجت إلي أي عون.
الابنة الفاضلة عندما تتخذك احدى صديقاتك صديقة وحيدة لها وتغار عليك وتصرح لك بحبها
وبأنك الصديقة والحبيبة الوحيدة، وأنها لا تستغني عن مقابلتك أو مكالمتك
لها في الهاتف وعلى الإنترنت، وتكثر من هداياها لك